صنع في المنامة

كطبقة جلد ثانية تحيط بجسد الإنسان، ترتكز الملابس كواجهة مؤثرة على حياتنا، و لعل هذه الواجهة تخطو نحو بعد آخر، حينما تكون شاشة عرض ثقافي، و معترك صور نمطية، أو خيارات جميعها تقود لنفس الوجهة، هنا – وفقط هنا – يصبح الحديث على الموضة و صرعات الأزياء أمر مثير للاهتمام بالنسبة لي، لكنني لا أيقن بالمعرفة فيه، رغم أن ليي آرائي الخاصة، و لا اكشف سراً حينما أقول بأن الأحذية و كل ما ينتعل يبدو ليي أمر مهم، مهم أن يكون كما تحبه أن يكونه، كجزء من الواجهة السالف ذكرها، لدى فحبي للحصول الأحذية بنمط أحادي أصبح مبرراً الآن أليس كذلك؟!

من هذا المنطلق خطرت على بالي فكرة، لماذا دائماً اختار أحذيتي من خيارات محددة و مسبقة التصميم من قبل مصممين يتبعون لماركات معروفة في خطها التصميمي و أهدافها التسويقية؟ لماذا لا أصنع ما ألبسه؟ لعل فكرة الصنع ذاتياً أمر عسير، لكن لماذا لا أصمم ما ألبسه على أقل تقدير؟ و لأني شهدت عملية تفصيل  حذاء سابق لأحد الصحبة، قررت أن أصمم و من ثم أفصل لي “صندل” خاص بي، لماذا صندل؟ لأن الصيف لدينا يملك جو بديع!

على ضوء النهار، سحبت القلم من حقيبتي مع بعض الأوراق، رحت أرسم تصور مبدأي لصندل شخصي، على بعد سويعات، كنت قد حددت الشكل النهائي و تفرغت لصنع مجسم توضيحي، لم أتعامل مسبقاً بصورة شخصية مع إسكافي في هذا الخصوص، لدى كنت على ما يبدو قد سرت لوضع متطرف بعض الشي، انهيت المجسم التوضيحي، حملته مع الرسمات – رسمة لمنظور علوي و جانبي و ثلاثي الأبعاد –، ثم ذهبت لأول إسكافي أمر عليه حين دخولي لسوق المنامة، تناقشت معه، أعجب بالتصميم، أظهر لي شيء من خبرته و إلمامه، تناقشنا حول المواد و نوع الجلد المستخدم، ثم رسيت على جلد طبيعي أسود.

بعد أسبوعين، اتصل بي، و دعاني لأن أذهب لرؤية القالب، كي يتسنى ضبطه بأفضل طريقة ممكنه، شد من جانب محدد، أرخى من جانب آخر، قليلاً من التشطيب، لصق و خياط، ثم قاعدة مرنة و مريحة، هذا كل ما لزم، لأحصل على صندل يحمل روحاً رومانية و راحة محلية جداً، صندل أرتديه لأنني أريده، صندل كجزء من واجهة أشمل!

يجدر الذكر، أن التصميم و اختياراتي لم تطبق بصورة مطلقة و كاملة، بل أجرى الإسكافي بعض التعديلات بصورة فردية بحجة نقص الموارد و أفضلية النوع الذي اختاره من الجلد، فحصلت على تصميمي مع جلد أسود ذو ملمس مغاير عن الملمس الناعم الذي اخترته في أول المطاف! لكنني رغم ذلك مسرورٌ بكوني قد حصلت على شيء صممته باختياري، و  أرتديه لأنني صممته لذلك في المقام الأول، و لم اختره من ضمن تشكيله عقل آخر.