لم أكن سأكتب … لو لا أن تملكني ذلك الشعور الذي ينتابني كل ليلة أسير فيها بين جنبات المنامة على وقع غزل رياح الشمال لوجنتي…
.
.
.
هنا … عندما تسير ليلاً … وحيداً، في عتمة الظلام، تحصل على فرصة نادرة لأن تتأمل هذه الحياة، قرىً صغيرة و بيوتاً أصغر، قلوبٌ متشابكة على ضفة شاطئ البحر، تترابط بأزقة ضيقة، تفصل هذه القرى مساحاتٌ شاسعة، بين هنا و هناك … تتشكل المنامة، ثم بعد تباعد الأزمنة، تصبح هذه البيوت نقطة ببحر المدينة العاصمة، تتقلص الأرواح المؤمنة فيها، الساحل ينحسر مع الوقت، و تندثر لوحة الهيجاء بكل ضوء جديد يولد، تتقطع القلوب، تنفصل العقول عن جذورها، ليكون كل انسان عقله، لا يعنيه أحد، لا يهمه أحد، الحياة كفى بها شاغلاً لباله، لعله يصبح ذاته السامية بطلة حلمه الوردي، و لو على حساب أمة قد خلت، لها تاريخها، ثم عليها عملها الذي لم ينجز بعد، تنتشر البشر لتحلم …
.
.
فها هنا تجمع الأرواح في أفكارها، ها هنا تهتك العادات في أفعالها، ها هنا تنتج الحداثة، و يبقى جرح المنامة نازفٌ بأهله، نازفٌ لأهله، نازفٌ وحدة وسط الظلام …

Leave a Reply