على صوت مروحتي القديمة، كنت مستلقياً على الفراش، أفكر في نفسي، هل كانت الكتابات نتاج ما يملى هنا، أم أنني لم أعد قادراً على حمل عقلي وحيداً فألوذ بالكتابة مأوى القرار، لم أشعر يوماً بأنني أعيش حياة يتمناها المرء –كما كان يقال لي-، بل ببساطة أشعر بأنني ممثل يتقن دوره بين صراعات الحياة، أمثل بين الجميع بأني أحيا، و حين أعود … تقض الوحدة مضجعي، مستوحشاً أمضي سنين حياتي، لا أعرف صاحبي من مَنْ يشاطرني لعب الأدوار، حتى إنني يوماً قررت الابتعاد عنما حولي، فأغلقت هاتفي، استترت وراء منزلي، عشت يوماً دون تواصل يذكر، أربع و عشرون ساعة أو تزيد، كانت بالنسبة لي هي الواقع، نفسي  في خلوة معي دون البرايا، عقلي هادئ لا يثور كما العادة، هذه حياتي إن أوقفت دوري بهذا الفلم الكبير، كانت الدقائق تمر كأمواج البحر، كل واحدة تضرب يابسة قلبي بعنف، تشكله و تشكلني، ريثما أعود بعدها لأعي ما كان فلمي حقيقةً، لأعرف العيون و القلوب المحيطة، لكنني لم أرى أحداً، جميعهم يبصرون سبيلهم من خلال ليس الا، عتبة يصعدونها كي يصلوا لأهدافهم، فيرجموني من الأعلى لاحقاً بغرور حين
يصلون، بين كل هؤلاء، كانت هنالك ثلة ما زالت تصنع الفارق، مجموعة عهدتها على الموعد دائماً، مهما دفعتهم عني يعودون بابتسامه، و مهما حصل من مواقف سوءٍ تراهم يتجاهلونها فتستمر الحياة، هؤلاء الحياة! بين ثناياهم تسيل بوارق النور، فأبصر الطريق سائراً معهم، على وقع صوت المروحة، لم أكن أعرف ما العمل، كيف أخرج من جدران سجني، أقلب المشاهد، أغير الأدوار، دقيقة بعد الأخرى، كانت الشمس تشرق في غرفتي، كل يومٍ عن السادسة و خمس دقائق من موسم الشتاء يكون موعدي مع أشعتها، في كل حدب و صوب، ينتشر الضوء بانتظام، في كل موعدٍ لا أصل لنتيجة، سوى الوجع، الألم المقيت، و ينابيع الفكر تنضب، لكنني اليوم أحرز تقدماً، إن كنت أرى الحياة فلم قد التقط بأطر ضوئية مرئية، فما الذي يجعلني أكره لعب الدور فيه، لألعب هذا الدور، دعني أجعله قيادياً، أُمَثله وحدي و بين الثلة المساندين، لأكون أنا المخرج أيضاً، المصور كذلك، ماذا يمنع من ذلك، ألم نخلق أحراراً عبيداً للإله، مخيرون، تمضي على السنين بأذكار الحساب، أفعالنا خواتمنا، و نعم عقبا الدار، فكل إنسان قادر على صنع فلمه، كل شخصاً قادر على تشكيل حياته، أليس البشر مقومون على ذلك؟ إذاً لماذا لم أجد أنا ذلك سبيلاً بعد… لست أدري، لكنني سأفعل ذات يوم، على صوت المروحة.

Leave a Reply